مرة جديدة، تحاول منصات التواصل الاجتماعي فرض نفسها «حارساً» لبوابة الانترنت. فتحجب ما تراه غير مناسب لـ«معايير مجتمع» تلك المنصات، وكأن المستخدمين هم مواطنون على «فيسبوك» و«تويتر»، ولا يمكن السماح لهم بنشر محتوى مخالف لما تراه الدولة الرقمية مناسباً!
بعد إزالة حسابات عن «تويتر» وحجب محتوى على «إنستغرام» على وقع اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلية على الفلسطينيين في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى في القدس المحتلة، يندّد مستخدمون فلسطينيون للإنترنت بمحاولات لإسكاتهم عبر فرض «رقابة» على مضمون منشوراتهم.
ويستخدم الفلسطينيون بكثافة مواقع التواصل الاجتماعي في مقاومتهم للعدوان الإسرائيلي.
وخلال أيام المواجهات، شارك فلسطينيون مقاطع فيديو أو صور عبر حساباتهم على مواقع التواصل، تظهر فيها قوات العدوّ وهي تقمع المتظاهرين بعنف.
وسجلت منصة «صدى سوشال» الفلسطينية التي تُعنى بالدفاع عن الحقوق الرقمية للفلسطينيين، أكثر من مئتي «انتهاك» ضد محتوى فلسطيني في الأسبوع الماضي فقط، خصوصاً المحتوى المتعلق بحي الشيخ جراح والمسجد الأقصى.
وقال مدير منصة «صدى سوشال» إياد الرفاعي لوكالة «فرانس برس» إن «الانتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني كانت بأشكال مختلفة. وكانت على معظم منصات وسائل التواصل الاجتماعي إما عبر إغلاق حسابات مثلما حصل على تويتر أو إنستغرام، أو منع خاصيات معينة مثل منع خاصية البث المباشر على إنستغرام أو من خلال الحدّ من وصول المحتوى المتعلق بقضايا الشيخ جراح وغزة والقدس».
وبحسب الرفاعي، «هذه الآلية في التعامل مع المحتوى الفلسطيني هي آلية قديمة جديدة»، ولكن «هذه أول مرة يتم التعامل فيها مع حملة إلكترونية فلسطينية بكل هذه العدائية من هذه المنصات مرة واحدة».
وأضاف «هذا أمر خطير جداً يمنعنا كفلسطينيين من التمتع بحقوقنا الرقمية مثل باقي مستخدمي هذه المواقع الرقمية حول العالم».
وأشار الرفاعي إلى استعادة بعض الحسابات التي تم حذفها على «تويتر»، ولكنه نوه بأن العملية «ما زالت مستمرة».
وتم الإبلاغ أيضاً عن حالات إخفاء المحتوى عن المتابعين على «إنستغرام» من دون أن يعلم صاحب الحساب بذلك.
حُجة «المشاكل التقنية»
وأكد متحدث باسم «تويتر» أن «الدفاع واحترام أصوات الأشخاص الذين يقومون باستخدام خدمتنا من قيمنا الأساسية في تويتر».
وأضاف «نستخدم مزيجاً من التكنولوجيا والمراجعة البشرية لتعزيز قوانين تويتر. لكن في هذه الحالة، قامت أنظمتنا الآلية المبرمجة باتخاذ إجراءات بحق عدد من الحسابات عن طريق الخطأ».
وبحسب الموقع، ألغيت إجراءات الحظر ضد الحسابات التي تمّ رصدها «عن طريق الخطأ بعد تصنيفها تلقائياً مع حسابات غير مرغوب فيها».
وألقت شبكة «إنستغرام» باللوم على «خلل تقني أثّر على منشورات وأرشيف ملايين الأشخاص في العالم» وأدى إلى اختفائها.
وأكد متحدث باسم شركة «فايسبوك» التي تملك شبكة «انستغرام» أن وسم #المسجد_الأقصى «تعرض للمنع عن طريق الخطأ»، موضحاً أنه «تم رفع» الحظر.
وقال المتحدث: «نعتذر بصدق عن الأمرين، وأيضاً لكل الذين شعروا، بمن فيهم الفلسطينيون، أن قدرتهم على القيام بنقاش مفتوح حول قضايا مهمة تأثرت بأي شكل من الأشكال».
وتوضح مروة فطافطة، مديرة السياسات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة «أكسس ناو الدولية» التي تدافع عن الحقوق الرقمية، أن مستخدمي الإنترنت الفلسطينيين ما زالوا يبلغون عن تقييد المحتوى.
وقالت لـ«فرانس برس» إنه «مساء الجمعة، خلال الهجوم الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى، حظر فيسبوك وسم المسجد_الأقصى، وتمت عرقلة أو منع خاصية البث المباشر عبر إنستغرام لكثير من المستخدمين».
وقام «تويتر» أيضاً بتعليق عشرات الحسابات بينها حساب للصحافية الفلسطينية مريم البرغوثي التي لديها 50 ألف متابع، «في وقت كانت تقوم بتغطية القمع الإسرائيلي للمتظاهرين قرب رام الله» في الضفة الغربية المحتلة. وتمت استعادة حساب البرغوثي على «تويتر».
وبحسب فطافطة، «تميل هذه الأخطاء التقنية التعسفية إلى الحدوث في الوقت الملائم أثناء أوقات الذروة عندما يقوم النشطاء بمشاركة معلومات وتوثيق انتهاكات إسرائيلية بحق المتظاهرين».
وتقول الصحافية الفلسطينية، هند الخضري، التي يتابعها أكثر من 18 ألف حساب على «إنستغرام»، أنها «ما زالت تخضع للرقابة».
وتوضح «خسرت ميزة القصص (ستوري). ولا يمكن رؤية القصص التي شاركتها عبر إنستغرام».