في ليبيا، لا ينفك تنظيم الإخوان الإرهابي عن اللعب بمستقبل البلاد، حتى فيما يتعلق بمصير الانتخابات المعول عليها لبلوغ الاستقرار المنشود.
هذه الألاعيب كشفتها قضية الأرقام الوطنية الليبية (الهويات الوطنية) المزورة التي أثيرت خلال الأيام الماضية، حيث تناقلت وسائل إعلام محلية ودولية مجهولة التمويل تصريحات عن النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، تفيد بوجود آلاف الأرقام الوطنية المزورة.
أصل الحكاية
وبالبحث والتحري، تبين أن تصريحات النائب العام قديمة وتعود لشهر أغسطس/آب العام الماضي، إلا أنه تم إثارتها من جديد ونقلها على أنها حديثة، لأغراض سياسية وفق مراقبين ليبيين.
ورغم الاستغلال السياسي للتصريحات، إلا أن من يقف وراء إعادة إحيائها، نقل التصريحات القديمة “نصا”، بما في ذلك الرقم المعلن العام الماضي من قبل المستشار الصور وهو (88 ألفاً و819 رقما مزورا)، معروف.
تلك التصريحات لاقت رواجا كبيرا خاصة داخل ليبيا، لا سيما أن الأمر يرتبط بشكل مباشر بمساعي الليبيين لبلوغ انتخابات تنهي أزمة صراع على السلطة بين حكومتين.
هذا الرواج حدث رغم أن التصريحات القديمة كانت تركز على خطر استفادة أصحاب تلك الأرقام الوطنية المزورة (غير ليبيين) من الثروات الليبية والمزايا التي تمنحها الدولة للمواطنين الليبيين دون غيرهم.
حقائق وأهداف التزوير
وعن ذلك، قال المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني، إن “إثارة قضية التزوير في الأرقام الوطنية الآن مخطط إخواني”.
وتابع أن “تنظيم الإخوان يحاول بإثارة قضية التزوير القديمة من جديد الطعن في إمكانية إجراء انتخابات ليبية هذا العام، متحججا بالتزوير الحاصل”.
وأضاف “هي ورقة إخوانية أخيرة أعدها الإخوان سابقا وأثاروها اليوم كي يكون هناك حجة لإفساد الانتخابات في حالة خلصت اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية، من إصدار قوانين انتخابية تتيح للعسكريين ومزدوجي الجنسية الترشح للرئاسة”.
وتابع قائلا “إن سمحت اللجنة للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح سيكون هناك منافسون أقوياء في الانتخابات الرئاسية، كما ستتيح تلك القوانين دخول أعداء الإخوان وعلى رأسهم قائد الجيش الليبي المشير حفتر المعترك الرئاسي”.
وأكد الفزاني أن “من يقف وراء التزوير هم نفسهم الإخوان، حيث يزورون أرقاما وطنية لإدخال ناخبين غير ليبيين للتصويت لهم، وفي حال تم اكتشاف التزوير قبل الانتخابات يطعنون في إمكانية إجراء الاقتراع”.
وتابع: “أما في حال تم اكتشاف التزوير بعد إجراء الانتخابات ولم يتحصلوا على المطلوب يطعنون في مصداقية الانتخابات أيضا، مستدلين بالأرقام الوطنية المزورة التي جرى تسجيل أصحابها على أنهم ناخبون”.
ومضى قائلا “أي أن الإخوان سيستفيدون في جميع الأحوال، من لعبة تزوير الأرقام الوطنية، فهي لعبة مزدوجة النتائج”.
مسألة قديمة
حديث يوسف الفزاني تطابق بعض الشيء مع ما قاله مواطنه فتحي الجواشي الناشط السياسي الليبي الذي أوضح لـ”العين الإخبارية”، أن “مسألة الأرقام الوطنية المزورة سواء كانت قديمة فعلا أم جديدة هي تهديد حقيقي للانتخابات الليبية المنتظرة”.
وأضاف الجواشي أن “تزوير الهوية الليبية ليس بجديد في البلاد، حيث إن ذلك كان يحدث حتى فترة حكم معمر القذافي ما قبل عام 2011”.
وتابع أن التزوير آنذاك “كان يحدث بأعداد قليلة جدا وكان دافعه شيئان، الأول من موظفين ليبيين عاملين في المؤسسات المانحة للهويات الليبية طامعين في رشاوى وقيم مالية يدفعها طالب التزوير”.
أما الدافع الثاني لتلك العملية قديما، بحسب الجواشي “فكان مواطنون لدول أفريقية موجودين في ليبيا يريدون الحصول على المزايا التي تقدمها الدولة الليبية لرعاياها مثل التعليم المجاني والصحة المجانية وغيرها من المزايا المالية التي تصرفها الحكومة كإعانات الأطفال وغيرها”.
المحلل الليبي قال “أما اليوم فتزوير الأرقام الوطنية بهذه الأعداد الكبيرة هو لهدف واحد فقط؛ وهو سياسي بحت”.
ودعا الجواشي سلطات بلاده “للتحقق والبحث عن حل لهذه الأزمة قبل موعد الانتخابات”، مضيفا أن “الحمل يقع على المفوضية الليبية العليا للانتخابات التي يجب عليها اتباع إجراءات استثنائية للتحقق من هويات الناخبين”.
المصدر: وكالات