أخبار عاجلة

السودان “يحصن” حدوده بتصفير الأزمات مع الجيران.. هل ينجح؟

على وطأة الأزمة السياسية التي يعيشها السودان مؤخرا كانت الحدود “الملتهبة” أحد عوامل عدم استقراره، وتشكل تحديا كبيرا يصعب تجاوزه.

من مصر إلى ليبيا مرورا بتشاد وإثيوبيا كانت حدود البلد الأفريقي مترامية الأطراف والرخوة أمنيا، أحد عوامل تأزيم علاقاته مع جيرانه، وسببا من أسباب تأزيم أوضاعه الداخلية.

ورغم أن الحدود جميعها لم تكن “ملتهبة” بالقدر نفسه إلا أنها كانت تحمل بصمات الأوضاع الداخلية في الدول المجاورة، فليبيا المأزومة أمنيا وسياسيا لم تكن حدودها والخرطوم “مؤمنة” بالقدر الكافي.

حركات متمردة

ومن ليبيا إلى تشاد كانت الحدود تشكل معبراً للحركات السودانية المسلحة المتمردة أو من الجهة المقابلة مسرحا لهجمات تشادية مسلحة تخترق الحدود السودانية، ولم يكن الوضع بين السودان وإثيوبيا أحسن حالا، فحدود البلدين كانت أحد أسباب اندلاع أزمات عدة بينهما مؤخرا.

ومع ذلك المشهد المأزوم حاول مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي طرح مبادرات عديدة لمعالجة النزاعات الحدودية ضمن إدارة وتسوية النزاعات في القارة الأفريقية، وتنفيذ برنامج مسائل الحدود، إلا أن الحلول لم تكن على المستوى المأمول ولم تؤد إلى تغيير على أرض الواقع.

تلك التطورات دفعت رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان إلى التحرك سريعا لضبط تلك الحدود، منعا لإثارة أزمات مع جيرانه، وفي محاولة لتجنب “التهاب” الأوضاع الداخلية.

ماذا فعل السودان؟

أولى خطوات البرهان لتهدئة الحدود كانت زيارة إلى إثيوبيا، الأسبوع الماضي، تناول فيها البلدان قضايا عدة، بينها أزمة الخلاف الحدودي بين البلدين وتحديدا في منطقة الفشقة.

وفيما قال رئيس مجلس السيادة السوداني إنّ “الوثائق والآليات الفنية والحوار تمثّل المرجعية الأساسية في هذا الشأن”، أكد -كذلك- رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد أن الخلاف الحدودي بين البلدين “قضية قديمة يجب الرجوع إلى الوثائق لحلّها”.

وكان التوتر تصاعد بين البلدين الجارين إثر اندلاع النزاع في إقليم تيغراي بين الحكومة الإثيوبية المركزية و”جبهة تحرير شعب تيغراي”، مما أجبر عشرات الآلاف على عبور الحدود إلى السودان طلبا للجوء. إلا أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وقعت حكومة أديس أبابا ومتمردو تيغراي اتفاق سلام أنهى عامين من القتال.

ومن إثيوبيا إلى تشاد كان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان على موعد مع زيارة أخرى، اختتمها أمس، ناقش فيها البلدان -كذلك- قضايا عدة بينها الحدود.

معالجات فورية

وبحسب وسائل إعلام سودانية، فإن الخرطوم وإنجامينا اتفقا، يوم الأحد، على وضع معالجات فورية لنشر القوات المشتركة بين البلدين على الحدود وإبعاد أي قوات أخرى لضبط الأمن وحسم الانفلاتات الأمنية.

وقال موقع “سودان تريبيون” إن رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ناقش خلال زيارته لإنجمينا التي استمرت يوما واحدا والتقى خلالها رئيس المرحلة الانتقالية في تشاد محمد ديبي قضيتين، هما تمدد قوات الدعم السريع على الحدود وإعادة تموضعها، إلى جانب نشر القوات السودانية التشادية المشتركة على طول الحدود في ولاية غرب دارفور المتاخمة لتشاد.

وبحسب مصدر مطلع، فإن البرهان وديبي ناقشا القلق التشادي-الفرنسي، من الانتشار الكثيف للدعم السريع على الحدود مع أفريقيا الوسطى، مشيرا إلى أن المباحثات وضعت أساساً لمعالجة كل القضايا الأمنية والعسكرية وانتشار القوات المشتركة بين البلدين، وتفعيل القوة الثلاثية المشتركة بين السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى التي تم تكوينها عام 2005 لمكافحة انعدام الأمن على الحدود المشتركة للدول الثلاث.

تهدئة الأوضاع

وأكد المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته في تصريحات لـ”سودان تريبيون”، أن المباحثات ناقشت كذلك إبعاد جميع القوات من حدود غرب دارفور، والإبقاء على القوات السودانية التشادية المشتركة وتعزيز قدرتها العملياتية لحسم كثير من التداخلات والتشكيلات المسلحة الموجودة هناك، مشيرا إلى أن المناقشات حول الوضع الأمني تمت بمشاركة مدراء المخابرات والاستخبارات في البلدين.

وأقرت المباحثات الثنائية تبادل المعلومات والتنسيق بين أجهزة الأمن والاستخبارات لمواجهة تهريب السلاح، وعمليات التجارة غير القانونية، ومكافحة الإرهاب.

وبحسب البيان المشترك، فإن البلدين أكدا الضرورة الملحة لتعزيز القدرة العملياتية للقوة السودانية التشادية المشتركة، لمواجهة التحديات الأمنية التي تزداد توترا في المنطقة الحدودية للبلدين من خلال إقامة علاقات مباشرة ومستمرة بين الجهات المختلفة المعنية، خاصة الدفاع والأمن وحماية اللاجئين والنازحين.

وأقر الجانبان عقد المنتدى عبر الحدود حول الأمن والتنمية قبل نهاية العام الجاري في مدينة أبشي، امتدادا لمنتدى أم جرس الأول والثاني.

يأتي ذلك، فيما من المرتقب أن تعقد اليوم الإثنين، في زيارة منفصلة يجريها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، لقاء مع محمد ديبي في العاصمة التشادية.

المصدر: وكالات