بدا أن هناك تحركات عربية بدعم فرنسي لحل أزمة انتخاب رئيس جديد للبنان، لكنها لم تتبلور بعد في شكل مبادرة فعلية.
ويأتي ذلك بعد نحو شهرين من دخول البلاد في مرحلة الفراغ الرئاسي، في ظل حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، وانهيار يشمل قطاعات عديدة في البلاد.
هذا ما كشفت عنه مصادر وخبراء في الشأن السياسي اللبناني.
ولا يتوقع خبراء في الشأن السياسي اللبناني حلا قريبا لأزمة انتخاب الرئيس، مشيرين إلى العديد من المطبات أمام طريق الحل، بينها الانقسام العميق بين التكتلات النيابية، والتدخلات الإقليمية.
ومنذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعيش لبنان فراغا رئاسيا عقب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وفشل مجلس النواب اللبناني حتى الآن في انتخاب خليفة لعون على مدار 10 جلسات عقدها لهذا الغرض.
وبدأ هذا الفراغ في الانسحاب شيئا فشيئا على مؤسسات وأجهزة الدولة.
وعقب استقالة حكومة نجيب ميقاتي إبان انتخابات برلمانية في مايو/أيار الماضي، حالت الخلافات السياسية في لبنان دون تشكيل حكومة جديدة، بعدما كلفه البرلمان مجددا بهذه المهمة.
اهتمام عربي
وكشف المحلل السياسي اللبناني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، الدكتور خطار أبودياب، عن أن هناك اهتماما عربيا بسرعة حل الأزمة اللبنانية، إضافة إلى مشروع فرنسي نحو عقد مؤتمر مماثل لـ”قمة بغداد” التي عقدت في الأردن مؤخرا، لكن لم تتضح معالم هذا المشروع بشكل كبير حتى الآن.
وأشار “أبودياب” إلى أن “هناك تحركا مصريا وسعوديا على الخط دائما، بالتنسيق مع الإمارات والكويت نحو حل أزمة لبنان”، مشيرا إلى “المبادرة الكويتية التي نجحت في أحد جوانبها، لكن الأمر يتطلب مزيدا من الجهد العربي والدولي في المرحلة اللاحقة”.
لكن المحلل السياسي اللبناني لا يتوقع حلا قريبا لأزمة الاستحقاق الرئاسي، وهو ما أوضحه عبر تشخيص أسباب الأزمة، قائلا: “هناك انقسام عميق بين التكتلات النيابية المختلفة، إضافة إلى العقدة المتمثلة في شخص رئيس التيار الوطني الحر جبران الذي يجمد وضع البلاد من أجل مصالح شخصية، والتدخلات أيضا الإقليمية وتحديدا الإيرانية”.
وتابع: “العقدة في النفوذ الإيراني وسعيه لاستخدام لبنان كورقة، وخطورة الأمر أن طهران ما زالت تأخذ بيروت رهينة من خلال حزب الله”.
ومن جهته، شدد الدكتور محمد سعيد الرز المحلل السياسي اللبناني، في حديث لـ”العين الإخبارية”، على أنه “لن يكون هناك حل للأزمة اللبنانية، إلا بدور عربي دولي يسعى لمصلحة لبنان ومستقبله”.
وقال: “نتلمس مبادرات عربية تقوم بها مصر على سبيل المثال، وجاءت زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط للبنان مؤخرا لهذه الغاية، وهناك اتصالات عديدة غير معلنة في هذا الاتجاه، وتوقعات بحل لأزمة انتخاب الرئيس مع شهر فبراير/شباط المقبل”.
“ولمصر تأثير كبير في لبنان، حيث إنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا تعمل طائفيا، أو طبقيا، ولا يهمها سوى مصير الشعب والكيان الوطني اللبناني”، وفقا للرز، مؤكدا أن “حل المسألة اللبنانية عماده الأساسي هو تطبيق اتفاق الطائف دون اجتزاء، أو اختزال”.
واتفاق الطائف شمل الأطراف المتنازعة في لبنان وأقر في مؤتمر استضافته السعودية سبتمبر/أيلول 1989 في مدينة الطائف، منهياً الحرب الأهلية اللبنانية, وذلك بعد أكثر من 15 عاماً على اندلاعها، ويعتمد الطائف الهوية العربية والانتماء العربي كأساس للعيش المشترك.
الطبقة السياسية
وأبرز الخبير اللبناني، أن “تحكم الطبقة السياسية اللبنانية الحالية وصل إلى حد الحديث عن دويلات طائفية، أو فيدرالية، أو حلول تدويلية للمسألة اللبنانية، إضافة إلى مزيد من الانهيار الكامل لكافة مناحي الحياة”.
وكان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، أكد من بكركي، خلال استقباله وفداً من حزب الكتائب اللبناني: “الخطر أن لبنان يتحوّل إلى دولة دينيّة”.
وأضاف أن “الوطن في خطر والشعب يتلقى الضربات، ولا يمكن للكتل النيابية أن تستمر في الأخذ والرد”، مشدداً على أن “الطريقة التي تجري فيها عملية انتخاب الرئيس خطأ”.
المصدر: وكالات