أصبح 2022 اختبارا لقوة روسيا في العديد المجالات والاقتصاد لم يكن استثناء فعلى الرغم من أن روسيا تعيش في ظل العقوبات منذ أكثر من عام إلا أن ضغطها وصل في 2022 إلى أبعاد غير مسبوقة.
ومع ذلك فإنه في نهاية العام الجاري يمكن القول إن الدول الغربية فشلت في تدمير الاقتصاد الروسي. واللافت في 2022 أن الروبل الروسي عزز موقعه، حيث تم تداول الدولار دون مستوى 52 روبلا بعد أن كان في آذار/مارس الماضي فوق مستوى 100 روبل.
أعدت وكالة “تاس” تقريرا عن النتائج الاقتصادية للعام 2022، أشارت فيه إلى أن الإجراءات الغربية قادت روسيا نحو الشرق.
المجال المالي: التحول نحو اليوان الصيني
بعد إطلاق روسيا عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا تراجع الروبل الروسي بشكل ملحوظ، في ظل قيام المضاربين بالتلاعب على العامل النفسي والمراهنة على هبوط الروبل.
وعلى خلفية ذلك سارعت السلطات الروسية لتطبيق مجموعة من الإجراءات لدعم العملة الروسية، منها إلزام المصدرين الروس ببيع 80% من مبيعات التصدير، الأمر الذي ساهم في تحقيق توازن بين عرض العملات الأجنبية والطلب عليها في السوق الروسية وتخفيف الضغط على الروبل.
وفي مطلع يوليو الماضي بلغ سعر صرف الدولار 51 روبلا فقط واليورو دون مستوى 54 روبلا، بعد أن كان سعر الصرف في 12 مارس الماضي عند أعلى المستويات عند 120.37 روبل للدولار و132.95 روبل لليورو.
ونتيجة ذلك قام الروس بإعادة النظر في أولوياتهم من العملات الأجنبية، ووفقا لتقرير للبنك المركزي الروسي فقد اشترى الأفراد في روسيا يوانا صينيا بما يقرب من 140 مليار روبل، فيما وصلت مشتريات الدولار واليورو إلى مستوى 230 مليار روبل.
وأشار التقرير إلى أن الطلب في روسيا على الدولار واليورو شهد تذبذبا في العام 2022، ويرى الروس أن العملة الصينية هي العملة الوحيدة التي يمكن أن تصبح بديلا عن الأوراق النقدية الأجنبية.
الاستثمار: بريق الذهب يجذب الروس!
أدى ارتفاع الروبل مقابل الدولار واليورو، فضلا عن الآفاق الضبابية لأسهم عدد من الشركات المحلية والأجنبية، إلى دفع المواطنين إلى أنواع بديلة من الاستثمار، والحديث يجري عن الاستثمار في المعادن الثمينة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة الروسية حفزت بنفسها الطلب على هذا النوع من الاستثمارات من خلال تبسيط معاملات بيع وشراء المعدن النفيس، حيث ألغت ضريبة القيمة المضافة البالغة 20% للمواطنين عند شراء وبيع الذهب.
الطاقة: أوروبا بدون الغاز الروسي
باتت قضية النفط والغاز أكثر تداولا على مدار العام 2022، فبعد إطلاق العملية العسكرية تخلت ألمانيا عن “السيل الشمالي-2” (خطان لضخ الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق).
وردا على الضغط الغربي، حولت روسيا مدفوعات الغاز الروسي المصدر إلى أوروبا إلى الروبل الروسي، الأمر الذي ساهم في دعم العملة الروسية وحافظ على تدفق العملة الأجنبية إلى البلاد.
وتسببت الخطوة الروسية في حدوث حالة من الهستيريا في أوروبا ودول مجموعة السبع، إذ واصل الغرب فرض العقوبات على كيانات روسية وتجميد حسابات العملات الأجنبية والممتلكات الأجنبية لشركات روسيا، أما سفير الولايات المتحدة السابق لدى روسيا مايكل ماكفول فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قال إن على روسيا الاستمرار في توريد موارد الطاقة، ولكن لا ينبغي للمشترين دفع ثمن هذه الإمدادات حتى تتوقف العملية العسكرية.
لكن في النهاية، رضخت الدول المستهلكة في أوروبا للواقع الجديد (سداد ثمن الإمدادات بالروبل) وأعلنت شركات الطاقة من النمسا وألمانيا وفرنسا وهنغاريا وإيطاليا وسلوفاكيا ومقدونيا الشمالية قرارها بمواصلة شراء الغاز الروسي.
ومع ذلك، لا تزال بعض الدول ترفض الخطوة، ومنها هولندا وفنلندا والدنمارك والمملكة المتحدة ودول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا). ومنذ ذلك الحين توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى هذه الدول.
وفيما يتعلق بإمداد الغاز الروسي عبر “السيل الشمالي-1” فقد تعرض المسار للتفجير في 26 أيلول/سبتمبر الماضي، وقد وقع الحادث في المياه الإقليمية للدنمارك ولم يتم الإعلان عن أسباب الانفجارات حتى الآن، لكن الخبراء الروس لا يشاركون في التحقيق وبدون مشاركتهم لن تقبل موسكو أية نتائج حول ما حدث. وواجه “السيل الشمالي-1” قبل التفجيرات عراقيل تقنية مرتبطة بإعادة توربينة غاز بعد صيانتها في الغرب.
وفي أثناء ذلك تحولت أوروبا الوسطى إلى شراء الغاز من النرويج والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، فيما بدأت روسيا في زيادة الإمدادات والتعاون بشكل أوثق مع الصين.
والآن من جميع مسارات الغاز من روسيا إلى أوروبا، يعمل “السيل التركي” بكامل طاقته كما يتم توريد الغاز بشكل جزئي عبر أوكرانيا إلى أوروبا.
خروج علامات تجارية غربية من روسيا
تميز عام 2022 بخروج عدد من العلامات التجارية من روسيا من مجموعة متنوعة من المجالات: من سلع الأطفال حديثي الولادة إلى معدات البناء، ومن العلامات التي غادرت روسيا “إيكيا” و”كوكا كولا” و”ماكدونالدز”، فيما قررت بعض الشركات مثل “رينو” نقل أعمالها في كيانات روسية مقابل مبالغ رمزية تاركين لأنفسهم فرصة إعادة شرائها في غضون سنوات قليلة.
وعلى الرغم من مغادرة الشركات فقد أظهرت استطلاعات رأي أن 6.7% فقط من المواطنين يعانون من الانسحاب.
المصدر: وكالات