خطاب حفتر بعيد الاستقلال.. هل يحول الجيش ألم الليبيين لأمل؟

خطاب مرتقب لقائد الجيش الليبي خليفة حفتر يضبط عقارب آمال الليبيين على ما يمكن أن يتمخض عنه من قرارات تضع نقطة النهاية لأزمة طال أمدها.

وما يؤكد أهمية الخطاب تزامنه مع حدث هام في تاريخ الأمة الليبية وهو الذكرى 71 لاستقلالها، وسط استعدادات في مدينة بنغازي شرقي البلاد عبر احتفال استبق مراقبون وصفه بـ”الضخم”، ومن المرتقب أن تتخلله كلمة يلقيها حفتر بشكل مباشر.

وتأتي الكلمة المرتقبة بالتزامن مع ما تعيشه ليبيا من أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين على السلطة ومليشيات تعيث فسادا في غرب البلاد ومؤسسات اقتصادية منقسمة.

وبالتوازي مع ذلك، تتعثر مساعي حل الأزمة سياسيا بسبب تعنت تنظيم الإخوان الذي يزرع ألغامه عبر اختلاق أزمات تعطل الوصول إلى توافقات تفضي لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة.

تلك الظروف والمعطيات مجتمعة التي خنقت الليبيين هي نفسها من سيجعلهم اليوم، بحسب مراقبين، يتخذون مع جيش بلادهم إجراءات لتقرير مصير الوطن.

حلول

تعليقا على كلمة حفتر المرتقبة، قال الباحث السياسي الليبي عبد العاطي الصفراني إنها “ستحمل حلولا للأزمة الليبية التي طالت وتلك الحلول ستكون عبر جدول زمني محدد ولن تترك الأمور للظروف التي كانت سببا في إطالة عمر الأزمة لسنوات دون حل”.

وأضاف الصفراني، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن “أول جدول زمني سيحدده الجيش الليبي سيكون عبارة عن مهلة يعطيها لأطراف النزاع السياسي للتوافق حول قاعدة دستورية تقود إلى انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة تنهي الفترة الانتقالية في البلاد وتحل أزمة الصراع على السلطة القائم حاليا بين الحكومتين”. 

وتابع: “نحن اليوم أتممنا عشرة أشهر كاملة منذ تاريخ انطلاق المبادرة الأممية لتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات”.

وأشار إلى أنه “في ظل مماطلة الأطراف المتصارعة، فإن الفترة الممتدة من مارس/ أذار الماضي حتى ديسمبر/ كانون أول الحالي طويلة جدا خاصة في ظل تفاقم الضغوط على المواطن إلى حد لا يمكن تحمله”.

أما في حال انتهاء المهلة، يقول الباحث السياسي: “دعونا لا نسبق الأحداث ولا نتكلم باسم الجيش ولكن من المتوقع أن يتخذ الجيش إجراء حاسما إذا انتهت المهلة التي من المتوقع أن يمنحها للمتصارعين دون أن ينجزوا ما ينتظره الشعب الليبي”.

وبحسب الصفراني، فإن ” تلك الانتخابات المنتظرة ما هي إلا جزء مما ينبغي على أطراف النزاع إنجازه لحل الأزمة”، مؤكدا أن “الانتخابات إحدى وسائل الحل وليست الهدف الذي يكمن في استقرار ليبيا كاملة”.

وقف إطلاق النار

استقرار يقول الخبير إنه “يأتي بإجراءات أخرى ستتضمنها كلمة حفتر اليوم، والتي يتوقع أن “تدعو لحسم ملف التطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بجنيف في أكتوبر/ تشرين أول 2021 برعاية الأمم المتحدة”.

ولفت إلى أن الاتفاق تضمن “عدة بنود أولها توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وهو أمر يسير في الاتجاه الصحيح”، مستطردا أن “باقي البنود لم يتخذ فيها أي إجراء ملموس وأهمها إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا رغم قرارات مجلس الأمن ومطالبات الليبيين”. 

الصفراني يرى أيضا أن هذا الأمر “يمثل أولوية لدى الجيش الليبي من ناحيتين، الأولى أن الجيش هو المسؤول عن هيبة الدولة والثاني أن بقاء المرتزقة يهدد السلم القومي للبلاد، ويجعلها رهينة أطماع الدول التي جلبت المرتزقة”. 

ووفق الباحث، هناك أيضا “ملف المليشيات المسلحة المحلية التي يعد تفكيكها وإعادة دمجها في مؤسسات الدولية أحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار وهو أمر آخر لم ينفذ ولم يتخذ فيه أي إجراء ملموس باستثناء مؤتمر عقد في طليطلة المغربية قبل أشهر صدرت عنه توصيات لم تطبق”.

عقبات

المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني ذهب في قراءته المسبقة لكلمة حفتر المرتقبة في ذات اتجاه الصفراني من حيث أهمية الخطاب وتوقيته.

وأوضح الفزاني، إن “كلمة حفتر ستكون هامة وفاصلة في تاريخ الليبيين”، كاشفا أن الخطاب “شهد خلال الأسبوع الماضي العديد من التجاذبات في الأروقة الدولية بعد تسريب جزء منه”.

وأوضح أن “مجلس الأمن استبق الكلمة قبل يومين بإصدار بيان طالب فيه بعدم اتخاذ أي خطوات من أي طرف في ليبيا”، معتبرا أن “في ذلك محاولة لإجهاض مساعي الجيش للأخذ بزمام المبادرة لحل الأزمة الليبية”.

ولفت الفزاني إلى أن “حفتر كان ينتظر ذكرى استقلال ليبيا لإعلان موقف الجيش من الأحداث في البلاد فليس من المعقول أن يقف الجيش متفرجا على معاناة الليبيين رغم أنه ينأى بنفسه من أعوام عن التجاذبات السياسية الحاصلة”.

وضمن محاولات إجهاض موقف الجيش والشعب أيضا كشف الفزاني أن “إحدى الدول المتدخلة في ليبيا ضد الجيش (لم يسمها) أرسلت قبل يومين رئيس مخابراتها للمشير في مكتبه”.

وفي حين لم يوضح الخبير تفاصيل اللقاء إلا أنه أكد أنه “يأتي في إطار محاولة تلك الدولة أن لا يعلن الجيش موقفا عدائيا منها خلال كلمته اليوم السبت”.

وأشار إلى أن “الجولات السبع التي أجراها حفتر خلال الشهرين الماضيين في مدن شرق وجنوب وأقصى الجنوب والوسط طالب خلالها الليبيون بأخذ زمام المبادرة متعهدا بأن يحمي الجيش أي إجراء يتخذه الليبيون”.

المصدر: وكالات