تصحيح الأجور في لبنان .. نعمة أم نقمة؟

في ظل أسوأ أزمة اقتصادية يمر بها لبنان، كان من المتوقع أن يحلّ إعلان اقتراب تصحيح الأجور كبشرى سارة على عمال وموظفي القطاع العام في البلاد، إلا أن الأفق يبدو أكثر سوداوية مما حاول المعنيون إظهاره، وعقبات كثيرة تحول دون التفاؤل بأي تغيير جدي على أرض الواقع. 

وكان رئيس الاتحاد العمالي العام اللبناني بشارة الأسمر نقل إلى عمال وموظفي القطاع العام خبراً أكد أنه قد يحقق حلمهم في زيادة الأجور، عشية عيدي الميلاد ورأس السنة، بعد اجتماع عقده مع وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم واجتماع آخر عقده مع رئيس الهيئات الإقتصادية الوزير السابق محمد شقير، وقد طالب الأسمر بأن يصبح الحد الادنى للاجور عشرين مليون ليرة لبنانية.

وأشار الأسمر في حديث صحافي إلى أن الاتحاد يعمل مع الهيئات على حلول تأتي ضمن سلة متكاملة وتتعلق بغلاء المعيشة وزيادة كلّ من بدل النقل والتعويضات العائلية والمنح المدرسية إضافة إلى تحويل تعويض نهاية الخدمة إلى معاش تقاعدي.

“وهم المال”

الحل الذي تقدمه الدولة اللبنانية يسمى في علم الاقتصاد “وهم المال” كما أكدت المحلّلة الاقتصادية ليال منصور في اتصال مع “جسور” موضحةً أن البشرى السارة “مفعولها آني ولا يمكن التعويل عليها على المدى البعيد باعتبار أن تصحيح الأجور يلعب دوراً إيجابياً على الموظف من الناحية النفسية في البداية فقط، ثم ما يلبث الأخير أن يكتشف الحقيقة”.ولفتت إلى أن “نتائج الحل لا تظهر مباشرة بل تأخذ أشهراً كونها تراكمية وتداعياتها السلبية يمكن لمسها بعد فترة تزيد عن الشهر”.

الدولرة

بالتالي وبناء على قاعدة أساسية في الاقتصاد، أكدت منصور أن “تصحيح الأجور لا يمكن أن يشكل حلاً فعالاً عندما تمر البلاد في أزمة اقتصادية مدمرة وطويلة الأمد كالتي يمر بها لبنان إذ والحال هذه لا يمكن أن يعدو كونه إبر مورفين”.ولفتت إلى أن تطبيق تصحيح الأجور يخضع لمعايير معينة “يمكن الاستعانة بها في الاقتصاد الذي يمر في أزمة صغيرة أو ركود اقتصادي” مشبهة هذه الحال بمرض الاكتئاب “حيث يمكن معالجته بالرياضة أو السفر والتجميل وغيرها”.أما في بلد كلبنان، فهو يعاني من أزمة اقتصادية حادة في سعر الصرف تحديداً، وهو ما شبهته “بالمرض المزمن”، فالأمر مختلف جداً ويخضع لبروتوكول خاص “نحن نتحدث عن أزمة في بلد مصنف مدولراً بالتالي أي حل اقتصادي غير جذري لا يعد حلاً جدياً” والحل الجذري يكون تتابع منصور “من خلال الدولرة الشاملة أو الـ currency board وتغيير سعر الصرف”.

فصل السياسة عن الاقتصاد

وشرحت منصور الدولرة الشاملة أو الـ currency board قائلةً “هما من العائلة ذاتها تقريباً والتي يتم عبرها استبدال العملة اللبنانية بأقوى عملة في العالم بهدف فصل سياسة البلد عن اقتصاده لحمايته من أي انتكاسة” موضحة أن “العملة المحلية تعكس صورة اقتصاد البلد”.وتؤدي الدولرة الشاملة كما أضافت “إلى زيادة  حتمية في الاستثمارات، لأن العملة البديلة تتم إدارتها بشكل صحيح لضمان عدم حصول تضخم كما أنها تحظى بثقة عالمية”.ولفتت أيضاً إلى أمر في غاية الأهمية “لا يمكن تطبيق نظام الدولرة الشاملة في البلاد المتقدمة بل فقط في البلاد حيث الفساد ينتشر بشدة وحيث تنشب الحروب” مع تأكيدها أن “كل بلد مدولر يملك الظواهر المالية نفسها”.وفي أفق الإيجابيات أشارت إلى أن “الايجابية في الدولرة الشاملة يمكن لمسها مع كل دولار يدخل إلى البلد إذ تحول دون سرقة الأموال وتهريبها وذهابها إلى المجهول ولهذا السبب تزيد الاستثمارات” الأمر الذي يمنع “من توجه السياسيين في لبنان إلى تطبيق الدولرة الشاملة”، كما استطردت قائلة.

المصدر: وكالات